٢٩‏/٠٧‏/٢٠٠٧، ٧:٥٢ م

تحليل سياسي

السعودية والرهان على الاسلحة الاميركية

السعودية والرهان على الاسلحة الاميركية

وافقت الادارة الاميركية في خطة تعد الاخطر في تاريخ المنطقة على بيع كمية هائلة من الاسلحة المتطورة الى السعودية وبهذا شرع السعوديون بجر المنطقة لدخول متاهات لا نهاية لها.

وهذه الصفقة التي تبلغ قيمتها اكثر من عشرين مليار دولار هي الاولى من نوعها بين اميركا ودولة عربية مما يدفع باقي دول المنطقة الى دخول حلبة سباق التسلح والذي يعود مردوده الى شركات انتاج الاسلحة في اميركا التي يمتلكها الصهاينة.
وهذه الصفقة المشبوهة جاءت نتيجة التقارب السعودي الاسرائيلي والتي تمخضت عما سمي بمبادرة الملك السعودي عبدالله بن عبدالعزيز للسلام والتي طرحت خلال قمة الدول العربية في بيروت عام 2002.
وتاتي هذه المبادرة "ان جاز التعبير" لاسترضاء اللوبي الصهيوني الذي كان ينظر الى السعودية بنظرة تشكيكية بعد احداث الحادي عشر من ايلول عام الفين وواحد حيث جل الارهابيين الذين قاموا بهذه العملية هم من اتباع المملكة السعودية.
وكانت السعودية بعد هذه الاحداث قد قامت بدفع عشرات المليارات من الدولارات الى الحزب الجمهوري والاجهزة الاعلامية والامنية والسياسية في اميركا لطي ملف احداث الحادي عشر من ايلول/سبتمبر والقيام بتلميع صورة السعودية لدي الراي العام الاميركي.
ومن المحاولات الرامية الى تحسين صورة السعودية في العالم عموما واميركا خصوصا قيام الملك السعودي عبدالله بن عبدالعزيز بزيارة الرئيس الاميركي جورج بوش في مزرعته في تكساس والمصافحة المعروفة التي تمت بين الرجلين على الطريقة الشرقية.
و كانت هذه اللقطة التلفزيونية التي تم اعدادها في استوديوهات هوليوود وبرعاية كريمة من الامير بندر بن سلطان السفير السعودي السابق في واشنطن كلفت المملكة اكثر من مائة مليون دولار دفعها الامير السعودي الى شبكة "سي ان ان" الاميركية لنقل هذه المصافحة على الهواء مباشرة.
واندهش الشارع الاميركي ازاء المعانقة التي تمت بين العاهل السعودي والرئيس الاميركي على الطريقة الشرقية حيث ان المجتمع الاميركي لا يستوعب تقبيل الرجال ويعتبرها امرا خارجا عن المألوف.
ولكن القبلة الذي رسمها الملك السعودي على وجه الرئيس الاميركي والتي لا تتعدى الدقيقة الواحدة لم تجد نفعا حيث ان الشارع الاميركي يرى ان السعودية حاضنة الارهابيين كما ان الخلية التي قامت بعده عمليات ارهابيه ترعرعت في بيئه زرعتها الوهابية في قلب اميركا والدول الاوروبية.
ومنذ ذلك الحين اصبحت القيادة السياسية في السعودية تعمل وفق ارادة اللوبي الصهيوني وتنفذ ما تصبو اليه اسرائيل ابتداء من معاداة الشعب العراقي وارسال الارهابيين الى هناك للقيام باعمال ارهابية الى ضرب حزب الله اللبناني وتضخيم خطر النشاطات النووية الايرانية السلمية ونشر مزاعم حول تشكيل هلال شيعي في المنطقة.
كما ان الابواق الدعائية الضخمة التي تمولها دوائر صنع القرار في السعودية تعمل ليلا نهارا وتنفق مليارات الدولارات لتشويه صورة الشيعة في العالم وتحسين صورة الوهابية.
والسؤال الذي يطرح نفسه اليوم ما هو الخطر الحقيقي الذي يهدد المملكة السعودية بحيث يرغمها على شراء اكثر من عشرين مليار دولار من الاسلحة المتطورة ؟.
هل الجمهورية الاسلامية  تهدد السعودية ؟ هل الشيعة في العراق ولبنان يهددون المملكة ؟.
الجواب واضح وهو ان الخطر الحقيقي في النهاية لا ياتي من خارج حدود المملكة بل الديكتاتورية والتمييز بين اتباع المذاهب والطوائف في السعودية وحرمان شريحة واسعة من المشاركة الحقيقية في الحكم ومنع هذه الشريحة من ممارسة حقها الطبيعي في العيش بكرامة وانتهاك  ابسط حقوق الانسان بحق المواطنين في الاحساء والقطيف هي التي تزعزع امن المملكة.
ولو كانت الاسلحة الفتاكة والمتقدمة تحمي الطغاة لاستطاع شاه ايران المقبور من الاحتماء بهذه الاسلحة رغم ان ايران في العهد الملكي كانت تمتلك ترسانة عسكرية هائلة وكان الجيش الايراني آنذاك متمرسا في القتال واستخدام الاسلحة ولكن رغم ذلك سقط نظام الشاه وكل ترسانته العسكرية لم تنفعه.
والمثال الآخر هو مصير الديكتاتور العراقي المعدوم صدام الذي رغم امتلاكه شتى صنوف الاسلحة سقط امام الجيوش الغربية سواء ابان غزوه للكويت او ابان الغزو الاميركي للعراق وواجه مصيرا اسودا في النهايا.
وفي خضم الحديث عن اسباب عقد هذه الصفقة المشبوهة فقد حاولت الادارة الاميركية الايحاء بان النشاطات النووية السلمية الايرانية تشكل تهديدا للمنطقة  بهدف تخويف الدول العربية ومنها المملكة السعودية التي تبعد عن ايران مئات الكيلومترات ولا يوجد حدود برية بينها وبين الجمهورية الاسلامية.
والهدف الثاني لاميركا ارغام المملكة على الاستعانة بالخبراء الاميركيين للاشراف على المعدات العسكرية حيث ان السعودية غير مؤهلة لتشغيل هذه المعدات العسكرية المعقدة واستخدام الصواريخ الموجهة عن بعد.
واخيرا وليس آخرا فان الاسلحة المتطورة وحدها لا تحافظ على الحكم لان اية دولة لا تبنى على قواعد شعبية ولا تحترم متطلبات شعبها ولا توفر الحرية والكرامة له  ستزول عاجلا ام آجلا.
حسن هاني زاده _ خبير الشؤون الدولية بوكالة مهر للانباء
رمز الخبر 525926

تعليقك

You are replying to: .
  • captcha